فصل: قال المراغي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة مريم:
زكريا يمد ويقصر من ولد سليمان بن داود عليهم السلام وكان نجارا، {نادى ربه} أي دعاه، {خفيا} أي مستورا عن الناس لم يسمعه أحد منهم، {وهن العظم} ضعف ورقّ من الكبر إذ قد بلغ خمسا وسبعين سنة أو ثمانين، {واشتعل الرأس شيبا}: أي صار الشيب كالنار والشعر كأنه الحطب، ولقوتها وشدّتها أحرقت الرأس نفسه، شقيا. يقال شقى بكذا: أي تعب فيه ولم يحصّل مقصوده منه، والمراد أنه خائب غير مستجاب الدعوة، {الموالي}: هم عصبة الرجل، {من ورائي}: أي من بعدي، ويقال رجل عاقر وامرأة عاقر إذا كانا عقيمين، {وليا}: أي ولدا من صلبى، ويعقوب: هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم وكان متزوجا أخت مريم بنت عمران من ولد سليمان عليه السلام، {رضيا}: أي مرضيا عندك قولا وفعلا، {سميا}: أي شريكا له في الاسم فلم يسمّ أحد بهذا الاسم قبله، وهذا دليل على أن الأسماء السّنع- الشريفة- جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنتحى في التسمية كما قال قائلهم في المدح:
سنع الأسامى مسبلى أزر ** حمر تمسّ الأرض بالهدب

{أنى}: أي كيف، {عتيا} من عتا يعتو: أي يبست مفاصله وعظامه، {شيئا}: أي موجودا، {آية}: علامة، {سويا}: أي سوىّ الخلق سليم الجوارح ليس به بكم ولا خرس، {المحراب}: المصلّى، {أوحى}: أي أومأ وأشار، {سبّحوا}: أي صلوا، {بكرة وعشيا} أي صلاة الفجر وصلاة العصر. {الكتاب}: هو التوراة، و{القوة}: الجد والاجتهاد، و{الحكم} والحكمة: الفقه في الدين، {وحنانا}: أي عطفا على الناس، {وزكاة}: أي طهارة من الذنوب والآثام، {تقيا}: أي مطيعا لأمر ربه، منتهيا عما نهى عنه، {وبرا بوالديه}: أي كثير البر والإحسان إليهما، {جبارا}: أي متعاليا عن قبول الحق والإذعان له، {عصيا}: أي مخالفا أمر مولاه، {سلام}: أي أمان من اللّه عليه. {انتبذت}: أي اعتزلت وتنحّت، {مكانا شرقيا}: أي شرقى بيت المقدس، {حجابا}: أي ساترا تورات به منهم، {روحنا}: هو جبريل عليه السلام، {سويا}: أي سويّ الخلق كامل البنية، {أعوذ}: أي أعتصم وألتجئ، {تقيا}: أي مطيعا، {لأهب لك}: أي لأكون سببا في هبته، {غلاما}: أي ولدا ذكرا، {زكيا}: أي طاهرا من الأدناس والأرجاس، {أنى}: أي كيف يكون ذلك؟ {آية}: أي علامة على قدرة خالقكم، {مقضيا}: أي محتوما قد تعلق به قضاؤنا الأزلى. {فانتبذت}: أي فاعتزلت، {قصيا}: أي بعيدا من أهلها وراء الجبل، {فأجاءها المخاض}: أي فألجأها واضطرها، و{المخاض}: الطلق حين تحرك الولد للخروج من البطن والنسى: بفتح النون وكسرها الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى ولا يذكر ولا يتألم لفقده كالوتد والحبل، والمنسى: ما لا يخطر بالبال لتفاهته، والسرىّ: السيد الشريف، والهز: تحريك الشيء بعنف أو بدونه، {تساقط}: أي تسقط، و{رطبا}: أي بسرا ناضجا جنيا: أي صالحا للاجتناء، {فقولى}: أي أشيرى إليهم. قال الفرّاء: العرب تسمى كل ما أفهم الإنسان شيئا- كلاما بأى طريق كان، إلا إذا أكد بالمصدر فيكون حقيقة في الكلام كقوله: {وكلم الله موسى تكليما} {صوما}: أي صمتا. {فريّا}: أي عظيما خارقا للعادة، وهى الولادة بلا أب، من فرى الجلد أي قطعه على وجه الإفساد أو الإصلاح، ومنه في وصف عمر: «لم أر عبقريا يفرى فريّه» وفي المثل: جاء يفرى الفرىّ، و{هارون} هو أخو موسى عليه السلام، وقيل هو رجل صالح من بنى إسرائيل، والأخت على هذا بمعنى المشابهة، وشبهوها به تهكما، أو لما رأوا من قبل من صلاحها، و{المهد}: الموضع يهيّأ للصبى ويوطّأ له والجمع مهود، و{الكتاب}: الإنجيل، {مباركا}: نفّاعا للناس، أو ثابتا في دين اللّه، الجبار: المتعظم الذي لا يرى لأحد عليه حقا، والشقي: العاصي لربه. {قول الحق}: أي قول الصدق الذي لا شبهة فيه، {يمترون}: أي يشكّون ويتنازعون، {ما كان للّه أن يتخذ من ولد}. أي ما ينبغى ولا يصح أن يجعل له ولدا، {صراط مستقيم}: أي طريق لا يضل سالكه، {الأحزاب}: فرق النصارى الثلاث، {مشهد}: أي شهود وحضور، {يوم عظيم}: هو يوم القيامة، {اليوم}: أي في الدنيا، {يوم الحسرة} هو يوم القيامة حين يندم الناس على ما فرّطوا في جنب اللّه، {قضى الأمر}: أي فرغ من الحساب. {واذكر في الكتاب}: أي اتل في هذه السورة، {صدّيقا}: أي مبالغا في الصدق لم يكذب قط، {صراطا سويا}: أي طريقا مستقيما موصلا إلى نيل السعادة، {وليا}: أي قرينا تليه ويليك في العذاب، {أراغب أنت عن آلهتي}: أي أكاره لها، {لأرجمنك}: أي لأشتمنك باللسان أو لأرجمنك بالحجارة، {مليّا}: أي دهرا طويلا. قال مهلهل:
فتصدعت صمّ الجبال لموته ** وبكت عليه المرملات مليّا

{حفيا}: أي مبالغا في برّى وإكرامى يقال: حفى به إذا اعتنى بإكرامه، {شقيا}: أي خائب المسعى، {لسان صدق}: أي ثناء حسنا. {مخلصا}: أي مختارا مصطفى، {وقربناه}: أي تقريب تشريف وتكريم، و{الطور}: هو الجبل الذي بين مصر ومدين، و{نجيا}: أي مناجيا مكلّما للّه بلا واسطة.
{إسرائيل}: يعقوب عليه السلام، واجتباه. اصطفاه واختاره، والسجّد، واحدهم ساجد، والبكىّ: وأحدهم باك، يقال: بكى يبكى بكاء، و{بكيا}: قال الخليل: إذا قصرت البكاء فهو مثل الحزن: أي لا صوت معه كما قال الشاعر:
بكت عينى وحق لها بكاها ** وما يغنى البكاء ولا العويل

الخلف: بسكون اللام عقب السوء، ويقال لعقب الخير والصدق خلف بفتح اللام، {أضاعوا الصلاة}: أي تركوها بتاتا، {اتبعوا الشهوات}: أي انهمكوا في المعاصي واللذات، {غيّا}: أي ضلالا، والمراد يلقون جزاءه في نار جهنم. {جنات عدن}: أي جنات إقامة، وهذا وصف لها بالدوام، {بالغيب}: أي وهى غائبة عنهم، {وعده}، أي ما وعد به من الجنات، {مأتيا} أي يأتيه من وعد به لا محالة، {لغوا} أي فضولا من الكلام لا طائل تحته، {سلاما}: أي سلاما من اللّه أو من الملائكة. التنزل: النزول وقتا غب وقت، {ما بين أيدينا}: أي ما قدامنا من الزمان المستقبل، {وما خلفنا}: أي من الزمان الماضي، {وما بين ذلك}: هو الزمان الحاضر، {نسيّا}: أي تاركا لك، {واصطبر عليها}: أي اثبت لشدائد العبادة وما فيها من المشاق كما تقول للمبارز: اصطبر لقرنك أي اثبت له فيما يورد عليك من حملاته، {سميّا}: أي مثلا ونظيرا. {يذكر}: أي يتذكر ويتفكر، {لنحشرنهم}: أي لنجمعنهم، {جثيا}: واحدهم جاث وهو البارك على ركبتيه، {شيعة}: أي جماعة تعاونت على الباطل وتشايعت عليه {عتيا}: أي تكبرا ومجاوزة للحد، {صليّا}: أي دخولا فيها من صلّى بالنار إذا قاسى حرها، {واردها}: أي مارّ عليها، {حتما}: أي واجبا، {مقضيا}: أي قضى بوقوعه البتة. {بينات}: أي ظاهرات الإعجاز، {مقاما}: أي مكانا ومنزلا، {نديّا}: أي مجلسا ومجتمعا، ومثله النادي وقيل هو المجلس الذي يجتمع فيه لحادثة أو مشورة، ومنه دار الندوة التي كان المشركون يتشاورون فيها في أمورهم، والقرن: أهل كل عصر، والأثاث: متاع البيت من الفرش والثياب وغيرها ولا واحد له، والرئى المنظر والمراد به النضارة والحسن، {فليمدد}: أي فليمهله بطول العمر والتمكن من سائر التصرفات، {جندا}: أي أنصارا، {والباقيات الصالحات}: أي الطاعات التي تبقى آثارها، {مردّا}: أي مرجعا وعاقبة. {أطلع الغيب}؟ من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه: أي أظهر له علم الغيب؟ {عهدا}: أي عملا صالحا، {كلا}: كلمة زجر وتنبيه إلى الخطأ، {سنكتب ما يقول}: أي سنظهر له أنا كتبنا، {ونمد له من العذاب}: أي سنطيل له العذاب الذي يستحقه {ونرثه ما يقول}: أي نسلب ذلك منه بموته ونأخذه أخذ الوارث ما يرثه، والمراد بما يقول مدلوله ومصداقه، وهو ما أوتيه في الدنيا من المال والولد، {فردا}: أي لا يصحبه مال ولا ولد. العز: المنعة والقوة، {سيكفرون}: أي سيجحدون، {ضدّا}: أي أعداء وأعوانا عليهم والأزّ والهز والاستفزاز: شدة الإزعاج والمراد الإغراء على المعاصي والتهييج لها بالتسويلات، وتحبيب الشهوات، {فلا تعجل عليهم}: أي فلا تطلب الاستعجال بهلاكهم، الوفد والوفود والأوفاد: واحدهم وافد، وهم القوم يقدمون على الملوك يستنجزون الحوائج، والمراد يقدمون مكرمين مبجلين ركبانا {إلى الرحمن}: أي إلى دار كرامته وهى الجنة، {وردا}: أي مشاة مهانين باستخفاف واحتقار كأنهم نعم تساق إلى الماء، والمراد بالعهد شهادة أن لا إله إلا اللّه، والتبري من الحول والقوة، وعدم رجاء أحد إلا اللّه {جئتم}: أي فعلتم والإدّ بالكسر والفتح المنكر العظيم، والإدة: الشدة يقال أدّنى الأمر وآدنى: أثقلنى وعظم علىّ، والتفطر: التشقق، و{تخر}: تسقط وتنهدم، {دعوا}: أي نسبوا وأثبتوا، قال شاعرهم:
إنا بنى نهشل لا ندّعى لأب ** عنه ولا هو بالأبناء يشرينا

{عبدا}: أي منقادا خاضعا كما يفعل العبيد، {أحصاهم}: عدّهم وأحاط بهم، {وعدهم عدّا}: أي عد أشخاصهم، {فردا}: أي منفردا لا شيء معه من الأنصار والأتباع.
الود: المودة والمحبة، بلسانك: أي بلغتك، واللّدّ: واحدهم ألد، وهو الشديد الخصومة، و{ركزا}: أي صوتا خفيّا. اهـ.. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

سورة مريم:
وهي مكية.
1- من ذلك قوله جل اسمه: {كهيعص} حدثنا أبو بكر بن نافع قال نا سلمة بن شبيب قال نا عبد الرزاق قال أنبأنا ابن عيينة عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {كهيعص} قال كاف من كاف وهاء من هاد وياء من حكيم وعين من عليم وصاد من صادق قال عبد الرزاق وأخبرنا معمر عن قتادة في قوله: {كهيعص} قال اسم من أسماء القرآن قال أبو جعفر وقد استقصينا ما في هذا في سورة البقرة.
2- وقوله جل وعز: {إذ نادى ربه نداء خفيا} قال يونس بن عبيد كان الحسن يرى أن يدعو الإمام في القنوت ويؤمن من خلفه من غير رفع الصوت وتلا يونس {إذ نادى ربه نداء خفيا}.
3- وقوله جل وعز: {قال رب إني وهن العظم مني} قال أبو زيد يقال وهن يهن ووهن يوهن وقال غيره أي ضعف.
4- ثم قال تعالى: {واشتعل الرأس شيبا} يقال لمن كثر الشيب في رأسه اشتعل رأسه شيبا.
5- ثم قال جل وعز: {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أكن أخيب إذا دعوتك.
6- ثم قال جل وعز: {وإني خفت الموالي من ورائي} روى هشام عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح قال الكلالة وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال العصبة وقال أبو عبيدة يعني بني العم قال: {ومن ورائي} أي من قدامي وقول مجاهد أولى يقال للعصبة موال أي من يليه في النسب كما أن الأقرباء من يقرب إليه في النسب وبنو العم داخلون في هذا كما قال الشاعر:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا

وقوله أيضا: {من ورائي} من قدامي مخالف لقول أهل التفسير لأن المعنى عندهم من بعد موتي وقال سعيد بن العاص أمل علي عثمان بن عفان رحمة الله عليه {وإني خفت الموالي من ورائي} يعني بتشديد الفاء وكسر التاء وإسكان الياء قال ومعناه قلت:..............
7- ثم قال جل وعز: {وكانت امرأتي عاقرا} أي لا تلد كأن بها عقرا يمنعها من الولاد.
8- ثم قال جل وعز: {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال مجاهد أي نحول العظم ويروي أن عبد الله بن مسعود قرأ: {عسيا} يقال عتا يعتو وعسى يعسو إذا بلغ النهاية في الشدة والكبر قال قتادة كان ابن بضع وسبعين سنة.
9- وقوله جل وعز: {يرثني ويرث من آل يعقوب} روى هشيم عن إسماعيل عن أبي خالد عن أبي صالح قال يكون نبيا كما كانوا أنبياء وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانت وراثته علما وكان زكريا من آل يعقوب وروى عن داود بن أبي هند عن الحسن {يرثني} اي يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة وأبو إسحاق يذهب إلى القول الأول ويبعد أن يكون نبي يشفق أن يورث ماله للحديث المأثور.